|
SEARCH | SUBSCRIBE | ||
|
رحمة
تعيش أيامها
وحيدة في دار المسنين
مع ذكـريات
الحرب
المرعبـة غزة 8 آذار 2009
رحمة مراد (84 عاماً) لا تفرق كثيراً بين عيد المرأة وأي يوم آخر، فكل أيامها متشابهة، تكابر على حزنها وضعفها، وخوفها الذي تعاظم منذ الحرب الأخيرة على قطاع غزة، حيث تعيش وحيدة في دار المسنات شرق غزة. رحمة تقول إن "أيام الحرب كانت مثل القطران ومرعبة"، مضيفة "كنت بسمع صوت الصاروخ وهو نازل، وكنت أنتظر الطائرات تروح بعيد وأنا كاتمة أنفاسي". وتعرضت دار المسنات للقصف والتدمير، وهي تتبع لمستشفى الوفاء الذي يقع على الخط الشرقي لحدود القطاع، والذي بالكاد بقي منه الطابق الذي تعيش فيه المسنات.
وتقول:
في يوم من
كثرة القصف
غطيت حالي
بالبطانية
وعملتها مثل
الكفن علشان
لما
استشهد
يأخذوني مثل
ما أنا
ويدفنوني،
وما كنت آكل،
كانوا
بيجيبولي
خبز وبيض
وأنا ما
بحب
البيض.
وهنا
همست لنا
العاملة في
المركز
قائلة: رحمة
لم تنجب في
حياتها، ولا
يزورها
أحد. وتقول جارتها في السرير صبحية شهاب (75 عاماً) التي تعلق بعض ملابسها على حافة السرير المعدنية: شفنا الموت في 22 يوماً، وكانت أياما أصعب من هجرة الـ 48، لم يزرني أحد، رغم أنهم يدركون أن الدار قريبة من الحدود وأنها معرضة للقصف، ثم استدركت قائلة: كان أولادي يزوروني يومياً، ويسألون عني، كأنها بهذا تخفف من صورة المأساة التي عاشتها في الحرب، وتضيف إلى ذاكرتها بعض الراحة. مريم ياسين (78 عاماً) أصيبت في القصف بقدميها وهي تزحف فوق الزجاج، ولا يزال جرحها طرياً رغم مرور شهرين عليه، تقول وصوتها يرتجف كأنها لا تزال تعيش أيام الحرب: مش قادرة أقف على رجلي، والله شفت الموت بعيني، الله يقطع اليهود، مش قادرة أحكي ولا أتكلم. ولا تزال نوافذ دار المسنين محطمة، والطابق الرابع الذي كان من المفترض أن يكون طابقاً للترويح عن المسنات كله مدمر، ومن الصعب إعادة بنائه. ويوضح أحمد الراعي أخصائي علاج طبيعي، أن الخسائر فاقت المليون دولار، خاصة الأجهزة التي يصعب تعويضها والمتعلقة بعلاج هشاشة العظام عند المسنين. العديد من المسنات يقبعن في الطابق، عدد منهن نائمات، والأخريات غير راغبات في الحديث، يكتفين بقول: "الله لا يرجعها من أيام"، حين يكون السؤال عن الحرب، ويشعر من يراهن أنهن مدفونات هناك في حزنهن ووحدتهن فقط بانتظار الموت.
الحاجة
رحمة لا تزال
تعاني الخوف
وترتعش
يداها كلما
سمعت صوت
رصاصة واحدة،
متذكرة
أيام
الحرب تلك
ووحدتها
وبشاعتها،
وتمني نفسها
أن يسأل عنها
يوماً
أولادها
الذين في
الغربة.
|