Home |  Elder Rights |  Health |  Pension Watch |  Rural Aging |  Armed Conflict |  Aging Watch at the UN  

  SEARCH SUBSCRIBE  
 

Mission  |  Contact Us  |  Internships  |    

        

 

 

 

 

 

 

 

 



 صحبة كبار السن مع عتبات البيوت: مشهد آخذ بالتلاشي 

 لبنى الرواشدة – الغد

23 أكتوبر 2008

الأردن

 

 

من على عتبات هرمة كعدد السنوات، التي يحملونها على كواهلهم، تنطلق ذكرياتهم نحو البعيد، إلى سنوات خضراء كانت خلالها أكثر من حقيقية.
نساء ورجال كفّوا عن تعداد سنوات عمرهم، يجلسون على عتبات البيوت والمصاطب. نظراتهم لا تشي بشيء، ولا يعلم أحد ماذا ينتظرون وهم يعيدون شريط حياتهم بأحداثها الصاخبة.

حديث مع الجيران والرفاق، وممارسة بعض الألعاب التي تساهم في قتل الوقت أو احتماله، لتشهد عتبات البيوت والدكاكين صخبهم غير العالي.
المشهد كان أكثر وضوحا في الماضي، فكأنما كان طقسا يوميا يمارسه كبار السن، بحيث أصبحت العتبات المختلفة مكانهم الأثير، الذي يبسطون فوقه مرحهم وذكرياتهم. ومع تغير ملامح الحياة الاجتماعية بدأت العادة بالتلاشي معها كثير من الصور ومنها المشهد السابق ليبدأ كبار السن بالشعور بالحرج من جلوسهم أمام البيوت، إلا في مناطق شعبية محدودة أو بيئات قروية.

وحول هذا المشهد كانت ترتسم الكثير من التفاصيل مثل اجتماع كبار السن على ابريق شاي كانت تعده إحدى قريبات هؤلاء الشيوخ، إلى جانب التسلية من خلال اللعب ببعض الألعاب الشائعة بتلك الفترة.

ويصف أبو عبد الرحمن (55 عاما)، الذي يعمل في تجارة الألبسة تلك الفترة بالجميلة والبسيطة، مستذكرا والده ورفاقه عندما كانوا يجتمعون في ساعات العصر على باب دكانة أبو جميل القريبة من المدرج الروماني في وسط البلد، مفضلين ذلك المكان على الجلوس بالمقاهي، التي لم تكن منتشرة في تلك الفترة بشكل كبير.

ويضيف أنه يفتقد اليوم تلك الأجواء بعد أن أصبح كبار السن يواجهون نوعا من العزلة والفراغ "في هذه الأيام نجد كبار السن مجبرين على تمضية أوقات فراغهم أمام شاشات التلفزيون أو انتظار زيارة الأحفاد ومعظمهم يمضون الكثير من أوقات فراغهم على شرفات المنازل".

ويقول إنه بدأ من اليوم التخطيط لشيخوخته المتقدمة في حال أعطاه الله العمر الطويل، مبينا أنه من هواة القراءة وسماع الراديو "أفكر كذلك بشراء مزرعة أمضي بها ما تبقى من عمري لأني أعشق النباتات والزراعة".
ويزخر التراث الأردني بالكثير من المشاهد والصور القديمة، التي رسمت ملامح حياة الناس قبل عشرات السنين، كما يؤكد أستاذ علم الاجتماع في جامعة مؤتة الدكتور حسين محادين.
ويقول إن إشغال وقت الفراغ عند الأجداد قديما كان مرتبطا بوسائل التسلية المتاحة في تلك الفترة مثل الألعاب المختلفة، ومن هذه الألعاب المعروفة قديما "الطاب" و"السيجة" إلى جانب الألعاب المختصة بالفروسية والخيل.

ويضيف أن إشغال وقت الفراغ بوسائل التسلية كان مرتبطا بملامح البيئة في تلك الفترة وبساطتها، مع تأكيده أن الصورة تبدلت بشكل كبير لتتلاشى تدريجيا الصورة المسبقة.
وقارن محادين بين الصورة القديمة لتلك الفترة والوقت الراهن، لافتا أن كبار السن في هذه الايام يعانون من قلة البرامج الموجهة لهم ومن انعدام البنية التحتية التي تخدمهم كفئة لها احتياجات خاصة مثل النوادي والحدائق.

وفي إشارة إلى التغيرات، التي طرأت على المجتمع، يقول محادين إن كبار السن أصبحوا يتوجهون إلى بعض الأماكن لتمضية أوقات الفراغ مثل النوادي والمقاهي والدواوين، مع تأكيده أن وجودها لا يلبي الاحتياجات المطلوبة نظرا لعدم وجود برامج مدروسة.
ومن جانبه، يبين الكاتب والمطلع على التراث الأردني نايف النوايسة أنه قام في وقت سابق بكتابة قصة حملت عنوان "المنتظرون" تناول فيها مشهد كبار السن وهم يجلسون لساعات طويلة على عتبات البيوت والمصاطب، طارحا تساؤل "ما سبب نظرة الانتظار التي تلمع في عيونهم عندما يجلسون ويحلقون في الأفق لساعات طويلة".

ويقول النوايسة إنه راقب لفترة من الوقت مجموعة من الشيوخ الطاعنين في السن، الذين اعتادوا على الاجتماع في نفس المكان في منطقة مؤتة بشكل شبه يومي لمدة 40 عاما "اليوم تغيرت ملامح المكان الذي يجتمعون فيه ليصبح مكتظا بالمارة والسيارات، لكنهم ما يزالون مواظبين على المجيء لذات المكان".

ويبين النوايسة أن المصاطب ما تزال موجودة في مناطق الأرياف، وما يزال الطاعنون في السن يجتمعون وينظرون في الأفق ويتبادلون الحديث، منوها إلى أن الشغل الشاغل لهؤلاء يتمثل في قتل الوقت والبحث عن أشخاص من ذات الجيل.

ومن المشاهد اللافتة، كما يقول، منظر الغليون الطويل في يد كبار السن سواء الرجال أو النساء "كانوا يجدون في الغليون ونيسا لوحدتهم".

وكانت أكثر الأحاديث شيوعا في القديم تدور حول المواسم وانتظارها وكمية هطول المطر والغلة.

ومن الألعاب، التي كانت معروفة قديما بين كبار السن، يقول النوايسة إن لعبة "الدريس" من اللعب التي كانوا يجدون فيها التسلية، والتي كانت تحتاج إلى رسم خطوط معينة على الرمل.

وما يزال كبار السن في الأرياف والقرى لا يرغبون بقضاء وقت طويل في مشاهدة التلفزيون ويفضلون الجلوس في الهواء الطلق وتبادل الأحاديث، إلى جانب اهتمامهم بالمشي لمسافات طويلة، في حال كانت حالتهم الصحية تسمح بذلك.
ويستذكر النوايسة في مدينة الكرك "مصطبة دليوان المجالي"، التي كانت تجمع أبناء المنطقة في جلسات لتبادل الأحاديث، لافتا إلى أن الدواوين انتشرت في الوقت الراهن لكن لم تحظَ بذات القبول من كبار السن بسبب عدم وجود قضايا تصلح للنقاش مثل مواضيع المواسم الزراعية كما كان الأمر سابقا.

 


More Information on World Elder Rights Issues 


Copyright © Global Action on Aging
Terms of Use  |  Privacy Policy  |  Contact Us