Home |  Elder Rights |  Health |  Pension Watch |  Rural Aging |  Armed Conflict |  Aging Watch at the UN  

  SEARCH SUBSCRIBE  
 

Mission  |  Contact Us  |  Internships  |    

        

 

 

 

 

 

 

 

 



الجزائر: "بر الآباء"... بسيف القانون

رباب سعفان

 18 يونيو 2007

 

 (وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً)[الإسراء:23].

 

تشدد الآية الكريمة على التحريم القطعي لعقوق الوالدين في أبسط تطبيقاته (فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ) ، فضلاً عما يفوق ذلك من أفعال العقوق التي انتشرت في مجتمعاتنا البشرية وامتدت من البلاد الغربية إلى دولنا العربية ، حتى بات الأمر يحتاج إلى أكثر من أداة لردع أولئك الذين لم يدركوا بعد حجم ما يقع عليهم من أوزار العقوق.

 

ففي الجزائر وحدها أقامت الدولة 35 داراً للمسنين  80% من قاطنيها لديهم أبناء وعائلات فضلت التخلي عنهم ، وطرد الوالدين بعد الاستحواذ على منزل الأسرة،حيث تتكلف إعاشة الفرد الواحد في هذه الدور بين 18إلى20 ألف ديناراً جزائرياً شهرياً تتحملها الدولة - أي ما قيمته   256 إلى 285 دولار - وهو الوضع الذي يهدد ثلاثة ملايين ونصف مسنّ جزائري ، مما دفع الحكومة إلى طرح مشروع قانون للحد من عقوق الأبناء للآباء متضمناً عقوبات صارمة بالسجن وغرامة مالية للذين يتخلون عن الوالدين..

 

وفي محاولة لتحليل أسباب تفشي هذه الظاهرة بالمجتمع أشارت وسائل الإعلام الجزائرية إلى أن الأمر يعود إلى بداية الثمانينات من القرن الماضي مع الانفتاح واشتداد الأزمة الاقتصادية، الذي أدى إلى بدايات التفكك الأسري، وأكدت أيضا أن غالبية حالات الإهمال، وتخلي الأبناء عن الوالدين، تنحصر في الأشخاص المتزوجين، أكثر منها عند العزاب، ولدى الذكور أكثر منها لدى الإناث ، حيث يكون الدافع الرئيسي هو الرغبة في الاستئثار بالبيت العائلي، في ظل أزمة إسكان حادة، وتحت ضغط الزوجة التي تريد الاستقلال بالبيت وحدها..

 

السجن القانوني والرجم الاجتماعي

 

ومن جانبه يؤيد عبد القادر بن قريبة النائب البرلماني الجزائري فكرة القانون ، ولكنه يضعها في إطار القانون الوقائي لمواجهة التطورات الاجتماعية التي تسير على خطى الغرب ، وكذلك لردع الحالات الشاذة التي لا تزجرها الأحكام الشرعية ، نظراً لتراجع الوازع الديني لدى بعض الأفراد، وهؤلاء يصدق فيهم قول بن الخطاب (العصا لمن عصى).

 

ويوضح بن قريبة أنه مع اعتبار الأهمية الوقائية للقانون إلا أن الأفضلية من حيث التأثير تعود إلى الإجراءات التربوية التي تقوم بها المؤسسات الاجتماعية المختلفة،حيث بلغت قوة تأثيرها أن يُنبذ الشخص العاق لوالديه في المجتمع، بل أنه قد يرجم في بعض البلديات الجزائرية..

 

وبالرغم من تأييده لفكرة القانون إلا أن "بن قريبة" عاد ليؤكد  أنه لا ينبغي أن يفهم من مشروع القانون، تصوير الشعب الجزائري على غير واقعه، موضحا أن عدد دور المسنين إذا ما قسّم على 1500 بلدية بالجزائر، وعلمنا أن عدد قاطنيها لا يتجاوزوا نسبة ال70% من قدرة استيعاب هذه الدور (تقريباً 1500 مواطن) ، فإننا ندرك أن نسبتهم لا تتعدى 0.0005% من الشعب الجزائري..

 

 وأرجع سبب إثارة مشروع هذا القانون في الوقت الجاري  إلى الدعاية الانتخابية ،ذاكراً أن الجزائر ستشهد قريباً انتخابات محلية مما دفع أحد النواب إلى إثارة تعديل في قانون العقوبات، ينص على معاقبة أي شخص يودع أهله دار العجزة ، إلا أن هذا لا يتعدى مجرد محاولة لكسب الأصوات، ولا علاقة له بمشكلة تواجهها الجزائر من هذه الزاوية ،مؤكداً أن هذا المشروع لم يناقش على مستوى الحكومة الجزائرية ولم يعرض على البرلمان..

 

أنت ومالك لأبيك

فتح الله أرسلان 

وفي مقاربة بين الوضع في كل من الجزائر والمغرب يشير فتح الله أرسلان (الناطق باسم جماعة العدل والإحسان المغربية) إلى وجود قانون بالمغرب يفرض نفقة للوالدين على الأبناء لضمان حياة حياة كريمة لائقة لهما إن لم يكن لديهما ما ينفقون منه ، مرجعاً ذلك أيضاً إلى التغيرات الكثيرة التي ألمّت ببنية الأسرة المغربية..

 

ويستدرك أرسلان : إن الأصل أن يكون الإنسان المسلم ملتزماً بتعاليم دينه، التي تنهى عن ذلك، ولكن في حالة عدم التزام الأبناء بأوامر دينهم، وعدم احترامهم لممتلكات أبائهم، فلا بأس من استخدام القانون معهم،فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أنت ومالك لأبيك) فبالأحرى إذا كان المال يخص الأب أصلاً.. فالاستيلاء عليه تطاول لا يجوز مع الغرباء وليس مع الآباء.

 

اقتباس مؤسسات الغرب

مصطفى الرميد

ويضيف مصطفى الرميد- الناطق باسم حزب العدالة والتنمية- المغرب:

التكامل والتضامن هما الأساس الذي تقوم عليه الأسرة المغربية، القائمة على القيم الإسلامية،ولكن بحكم الاحتكاك بالنموذج الغربي سار هناك تراجع في هذه القيم لدى المسلمين ،سواء على مستوى سلوكياتهم، أو مستوى تعاطيهم العلاقات الاجتماعية، فحدث استيراد لبعض المؤسسات الأجنبية، التي لم يكن لها وجود من قبل، ومنها دور المسنين، وإن كانت إلى الآن محدودة، إلا أن المعطيات الحالية تقول أنها قابلة للتوسع في المستقبل، إذا لم نتشبث بالقيم الدينية.

 

ويستطرد قائلا :ولكني أرى أن التصدي لهذه الظاهرة يمكن أن يسير في اتجاهين؛ الأول توعوي وتربوي وتثقيفي، من خلال توظيف وسائل الإعلام ،والمؤسسات الاجتماعية، لتكريس قيم الإسلام في البر بالوالدين، حتى تكون العلاقة بينهما سوية، تستمد وجودها ومعالمها من روحانية الدين الإسلامي، أما البعد الثاني فهو البعد القانوني والذي طبق لدينا في المغرب  من خلال أحقية الآباء في رفع قضية نفقة إذا تم تقصير الأبناء في الإنفاق عليهما..

 

 وإن كنت غير متحمس للسير في هذا الاتجاه القانوني واقتباسه قبل بحث نتائجه، والسياق الذي جاء فيه ،وتأثيراته، فإذا ما تمت تجربته، وظهرت إيجابياته، وكنا في حاجة ماسة له، فما المانع!

 

 فهناك أصناف من الناس قد لا يكون الدين هو المحدد لسلوكهم ،فلا يخشون الله ولا يأبهون بدينهم، وبالتالي ينبغي أن يكون القانون زاجراً لهم..

 

شرطيّ لكل أسرة

د.عبد السلام العبادي

ويرى الأستاذ الدكتور عبد السلام العبادى وزير الأوقاف والشئون والمقدسات الإسلامية السابق بالمملكة الأردنية أنه لا ضرر من الاتجاه نحو العقوبات القانونية ،لاستفحال التقصير من الأبناء تجاه آبائهم ، فكل أمر يحدث فيه خلل عام ،يجوز لوليّ الأمر أن يعالجه بتشريعات تضمن معاقبة أيّ إنسان يقصر فيه..

 

فالقضية ليست مفاضلة بين الدين والقانون، فالدين نفسه يدعو إلى أن يكون هناك إجراءات جزائية لحماية التزام الناس بقواعد الشريعة؛ فالطبيعة البشرية قد تخطيء وقد تصيب ،ولذلك لابد أن تتكامل عملية التوجيه مع التشريع..

علماً بأن الأولى والأفضل فيه ،أن يكون إصلاحه على أسس تربوية، وإعلامية، واجتماعية في كافه الميادين، وبهذا يكون علاجاً وقائياً وتربية مسبقة..

ثم يأتي ما يسمى بالرأي العام في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي يمثل خير حارس لصيانة حقوق الوالدين في المجتمع، ولكن إذا حدث تقصير فلابد من أن يتدخل الحاكم لوضع الإجراءات، سواء كانت تأديبية، أو جزائية، أو اقتصادية. كالإلزام بدفع النفقة وتوفير بيوت رعاية ولا حرج في ذلك إذا لم يعد هناك طريق آخر..

 

أما د.حمدي حسن المتحدث الإعلامي باسم كتلة الإخوان المسلمين بالبرلمان المصري فيختلف مع الآراء السابقة موضحاً.:

 

أن اللجوء إلى قوانين لتنظيم العلاقة الاجتماعية بين الآباء والأبناء هو نوع من أنواع الهروب من المشكلة.. ومواجهتها الصحيحة تكون بالرجوع إلى التربية الدينية التي يمكن أن تتحقق من خلال كل المؤسسات الاجتماعية والإعلامية.. لإعادة تصحيح الأوضاع، فلا يمكن أن توفر الدولة شرطياً مع كل مواطن داخل بيته لمنعه من عقوق والديه ، ولا يمكن للقانون أن يحاسب على كلمة (أُفٍ) التي ذكرها القرآن، ومن ثمّ فإن أي محاولة لإصدار مثل هذا القانون في مصر مثلاً ستبوء بالفشل.. وحتى إذا صدر فإنه لن يحقق الهدف المرجوّ منه..

 

نعم هناك بعض الحالات التي يتجلى فيها معنى العقوق ولكن مواجهتها تأتي ثمارها إذا واجهناها بزيادة نشر وتطبيق مبادئ الإسلام، وليس بسيف القانون..

 

وأخيراً وبعد كل ما عرضناه من آراء فإننا نتلمس آراء الآباء وهمس أنينهم تعليقاً على هذا القانون وكأن لسان حالهم يقول :

غَذَوْتُـكَ مَوْلُودًا وَعُلْتُكَ يَافِعًــا       تُعَلُّ بما أجْنَي عَلَيْكَ وَتَنْهَــلُ

فَلَمَّا بلَغْتَ السِّنَّ والغَايَـةَ التِـي       إِليْها مَـدَى ما كُنتُ فِيكَ أُؤَمِّـلُ

جَعَلْتَ جَزَائِي غِلْظَةً وَفَظَاظـَـةً      كَأَنَّك أَنْتَ الْمُنْعِـمُ الْمُتَفَـضِّـلُ

فَلـَيْتَكَ إِذْ لَمْ تَـرْعَ حَقَّ أُبُـوَّتِي      فَعَلْتَ كَمَا الْجَارُ الْمُجَاوِرُ يَفْعَـل

 


 الرجوع إلى الصفحة العربية


 للمزيد من المعلومات عن حقوق المسنين إضغط هنا 



Copyright © Global Action on Aging
Terms of Use  |  Privacy Policy  |  Contact Us