لقاح الزكام: مـتغيرات سنوية وتحذيرات
غادة
نجار-
الأخبار
23
سبتمبر 2008
لبنان
مع اقتراب فصل الخريف يقترب موعد التطعيم بلقاح الزكام المعتمد في الكثير من البلدان، ومنها لبنان. ونستطيع أن نقرأ في بعض الصيدليات الإعلانات عن توافره. ما هو هذا اللقاح الذي يكاد يكون الأسلوب الوحيد للحماية من الزكام ومضاعفاته؟ ما هي آثاره السلبية؟ لماذا نتناوله كل عام؟ وما هو التوقيت الأفضل لتناوله؟ وهل يجب أن يخضع له أيّ كان؟
يحتوي لقاح الزكام على ثلاثة أنواع من فيروسات الزكام الميتة التي تُزرع بهدف التكاثر في بيض الدجاج، ثم تُقتل وتعقم ويُصنع منها اللقاح. إذاً لا فيروسات حية في اللقاح، لذا لا يمكن أن يؤدي تناوله إلى الإصابة بالعدوى. تختلف أنواع الفيروسات المتوافرة في اللقاح كل عام، وذلك بقرار من وكالة الصحة العالمية التي تعتمد في اختيارها على معلومات تردها من مختبراتها المنتشرة في العالم، وبالتحديد في أتلانتا ولندن وملبورن وطوكيو، حيث يراقب العلماء فيروسات الزكام التي تصيب الناس خلال الفصول المختلفة، ويدرسون المتغيرات التي تطرأ عليها.
ليس لهذا اللقاح تأثيرات سلبية خطيرة، بل تقتصر تأثيراته الجانبية على ظهور بعض الطفح الجلدي في مكان اللقاح لدى البعض، إضافة إلى ارتفاع بسيط في درجة حرارة الملقّح وأوجاع في العضلات سرعان ما تختفي من تلقاء نفسها في أغلب الأحيان.
■ تغييرات سنوية
التبدلات التي تطرأ على الفيروسات تحتّم على الملقحين تكراره في كل عام. هذا الأمر عينه يجعل من تحديد توقيت إجراء اللقاح أمراً أساسياً إذا أردنا الحصول على الحماية الكاملة في موسم الشتاء، وهذا ليس سهلاً، لأن بداية انتشار الزكام تختلف من عام إلى عام، ومن منطقة إلى أخرى.
إجراء اللقاح أواسط تشرين الأول هو الخيار الأصح، حيث يحتاج الجسم إلى عشرة أيام كي يصنّع الأجسام المضادة anticorps التي تهاجم البروتينات الجرثومية الموجودة في اللقاح، وتصبح بذلك جاهزة لمواجهة الفيروسات الحقيقية إذا دخلت الأخيرة إلى جسد الملقّح، ويستمر هذا التأثير لمدة ثلاثة أشهر فقط. ورغم أن اللقاح متوافر للجميع، إلا أن هناك أشخاصاً محددين يجب أن يجروا اللقاح في كل عام، وهم يتوزعون على فئات خمس، تضم الأولى كل من تخطى 65 عاماً وكل من يعيش في مراكز رعاية ومن يعاني أمراضاً مزمنة في الرئتين أو القلب أو الكلى أو جهاز المناعة، والأطفال من سن ستة أشهر حتى ثمانية عشر عاماً إذا كانوا يخضعون لعلاج طويل بالأسبيرين، وتضم الفئة الثانية أعضاء الجسم الطبي في المستشفيات والمستوصفات والعاملين في مجال الصحة العامة، وتضم الفئة الثالثة الحوامل في الثلث الثاني أو الثالث من الحمل. أما الفئة الرابعة فتضم من تترواح أعمارهم بين 45 و60 عاماً، لا سيما أولئك الذين يعانون من الوزن الزائد أو كثرة التدخين أو تعاطي المشروبات الكحولية بكثرة، وتشمل الفئة الخامسة مربّي الدواجن والمواشي والطيور وأفراد عائلاتهم.
■ بدائل
قد لا يمنع اللقاح في بعض الأحيان التقاط العدوى، لكنه يساهم في التخفيف من عوارضها ومنع التداعيات المرافقة لها. لا حاجة للبالغين الذي هم دون الخمسين سنة لإجراء لقاح الزكام إلاّ اذا كانوا يعانون من حالة صحية تحتم عليهم ذلك، ويمكنهم اعتماد بعض الأدوية المعروفة أو أدوية تنصح بها العلاجات الحديثة والطب البديل.
■ تحذيرات دولية
لا يسعنا هنا أن نتجاهل الأصوات التي تحذر من استخدام لقاح الزكام بكثافة، كما هو حاصل في الكثير من البلدان ومن ضمنها لبنان، ولا سيما ما أكدته الباحثة ماري إيلي غروساث، وأيّدها الكثيرون حيث لفتت إلى خطورة استخدام اللقاحات التي تحتوي على حامل الموروث ARN مزدوج، وذلك بسبب قدرة هذه الأخيرة على تعطيل أداء الكثير من الخلايا في جسم الإنسان أو إبطائها، وقد اعتمدت غروساث في مقاربتها هذه على الأبحاث التي أجراها العالمان الأميركيان أندرو فاير وكريغ ميلو، وهي أبحاث نالا بسببها جائزة نوبل للطب عام 2006، فقد أثبتا أن للـ ARN المزدوج قدرة على تعطيل عمل الكثير من الخلايا، وعلى رأسها الخلايا العصبية. وترى غروساث أن الأكثر عرضة للأذى هم كبار السن والأطفال، وتدعو إلى اعتماد خطة أكثر دقة في استخدام اللقاح. كما أوردت غروساث معلومات مفادها أنه من أصل 11 لقاحاً كانت معتمدة في فرنسا عام 2006، تبيّن أن سبعة لقاحات تحتوي على الـ ARN المزدوج منها الـ Vaxigrippe.
إن لقاح الزكام كغيره من المواد المصنعة المعتمدة لمعالجة المشاكل الصحية، يحوي مخاطر تتكشف مع تقدم الأبحاث وازدياد نشاط المؤسسات المعنية بالتدقيق في كل ما يتعاطاه الإنسان. لكن الحاجة إليه محسومة في الكثير من الحالات، لذا يبقى التدقيق من جانب الاختصاصيين والمرضى هو الحل الأوحد من أجل تحديد مدى الضرر والاستفادة إلى أقصى حد مما هو متوافر.
Copyright
© 2002 Global Action on Aging
Terms of Use |
Privacy
Policy | Contact Us
|