24  يناير 2009

الحاج أبو محمد هدد بمنع عائلته من المشاركة في الانتخابات والامتناع عن التصويت إذا كان مركز الاقتراع بعيدا عن قريته السيافيّة التابعة لقضاء اليوسفية جنوب بغداد, وعلل موقفه ذلك بالقول ” لست أقوى في هذا العمر على المشي لمسافات طويلة”.

موقف الحاج العجوز أبو محمد،75 عاما, يكاد يمثل مواقف الكثير من سكان الريف وتحديدا المسنين والعجزة في وسط وجنوب البلاد لاسيما القرى والأرياف النائية التي تفتقر إلى الطرق المعبدة، إذ يصبح الأمر عسيرا بالنسبة لهم للتوجه الى مراكز المدن والقصبات التي ربما تكون بعيدة عن الأرياف بمسافات طويلة كي يدلوا بأصواتهم  في الانتخابات المقبلة.

يقول العجوز ابو محمد لوكالة (اصوات العراق)  “أنا أعاني من الروماتيزم، وقدماي تعجزان عن  المشي، لذلك لن أسمح لعائلتي بقطع كل تلك المسافة الطويلة، إذا لم تبادر المفوضية بفتح مراكز اقتراع قريبة ” .

وأعلنت لجنة الأقاليم والمحافظات أن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أبلغتها  بعدم فتح مراكز اقتراع في القرى والأرياف ولن تسمح  بتجوال المركبات فيها خلال عملية الاقتراع، مما يعني أن القرويين ينبغي عليهم قطع مسافات طويلة مشيا على الأقدام  للوصول الى مراكز الاقتراع، وقد ينعكس ذلك على نسبة المشاركة، لاسيما فيما لو صادف هطول أمطار في يوم الاقتراع تجعل الطرق الترابية المؤدية الى الأرياف عسيرة للغاية  .

والمواطن عباس الجبوري، 37 عاما، من أهالي قرية عرب جبور، قال أيضا إنه لن يسمح لعائلته بالذهاب إلى مراكز التصويت مالم تكن قريبة ويمكن الوصول إليها مشيا.  وبموازاة ذلك التهديد بالامتناع عن التصويت، برزت مواقف مغايرة ومعاكسة تماما جسدت إصرار الكثيرين على ممارسة حقهم الانتخابي في التصويت مهما كان الأمر عسيرا، حيث قال حازم السامرائي، 35 عاما، من أهالي قرية الحديدي بمنطقة الجزيرة التابعة لقضاء  سامراء ضمن محافظة صلاح الدين ” سأضع جميع سيارات الحمل التي أملكها في خدمة سكان قريتنا الأعزاء بغية نقلهم إلى مركز الاقتراع الذي يبعد عن قريتنا حوالى 20 كم لتمكينهم من الإدلاء بأصواتهم  إذا سمحت المفوضية بذلك."  والسامرائي كان قد تبرع بنقل الناخبين من أهالي قريته إلى مركز الاقتراع  إثناء  الانتخابات البرلمانية التي جرت في عام 2005.

من جهته، أكد عضو لجنة المحافظات والأقاليم في البرلمان كريم اليعقوبي أن "المفوضية لن تفتح مراكز اقتراع في القرى والأرياف" محذرا في الوقت ذاته  من تدني نسبة المشاركة في الانتخابات بسبب بعد مراكز الاقتراع عن مناطق سكن المواطنين .

وأضاف أن "المفوضية تمنع استخدام السيارات لنقل الناخبين من القرى والأرياف، ولا توفر السيارات لنقلهم ولا تصدر باجات خاصة بالمتبرعين بنقل الناخبين خشية أن يكونوا مسيّسين من قبل  جهات معينة ،خصوصا وأن الحكومة سوف  توفر لهم وسائل نقل لهم ."

  
وتساءل اليعقوبي “كيف سيصل أولئك الناخبون إلى مراكز الاقتراع إذن ؟.. في ظل غياب أي حافز يدفع بالناخب ليقطع أكثر من خمسة كيلو مترات  ليدلي بصوته، وهو قد عانى ما عانى خلال السنوات الخمس المنصرمة والتي لم يحصل فيها على أبسط الخدمات .

وأبدى اليعقوبي تخوفه من عزوف الناخبين القرويين عن المشاركة في الانتخابات المقبلة  نتيجة بعد مراكز الاقتراع، قائلا ” هذا  الأمر سيتيح من جديد فرص ممارسة التزوير لأن بقاء السجلات فارغة سيسهل على المزورين ممارسة  التزوير، اذ لايحتاجون سوى الى تدوين الأسماء التي يريدونها في السجلات و التوقيع ازاءها “.

وتشير البيانات الصادرة عن المفوضية الى ان 15 مليون ناخب عراقي مؤهلين للتصويت في هذه الانتخابات التي يتنافس فيها 14,429 مرشحا في عموم العراق بينهم حوالي 3,921 امرأة، على 440 مقعدا في المحافظات المشمولة بالانتخابات.

على النقيض من ذلك، أكدت  حمدية الحسيني عضو المفوضية المستقلة للانتخابات في العراق  بأن المفوضية “ستسمح بسير العجلات في القرى والأرياف فقط  خلال يوم الاقتراع، وقد تم توزيع مراكز ومحطات الاقتراع في عموم العراق حسب التمركز السكاني بما فيها القرى والأرياف” .
وبينت الحسيني أن المفوضية “لاتملك إحصاءات دقيقة بعدد مراكز الاقتراع التي تم افتتاحها في القرى والأرياف لأن التوزيع يحصل على أساس المحافظة بشكل عام”.

الشيخ أبو محمد،60 عاما, قال بعفوية وبساطة الريف العراقي “أتمنى أن أتمكن من الاقتراع كي أختار من يوفر لي الخدمات  في أواخر أيامي”.  يذكر أن الريف العراقي يشكل وحسب بيانات الجهات المعنية حوالي نصف المجتمع العراقي .

More Information on Rural Aging Issues in the World

More Information on Rural Aging Issues in the US